Le destin ressemble à ces nuits entières
oubliées dans l’encrier... Salah Al Hamdani
كلما تمرستَ بحلِ عقدُ الحياة
تساقطَ من حولكَ من يتصنعُها... صلاح الحمداني
Site officiel de Salah Al Hamdani
ــ موقع صلاح الحمداني ــ
صلاح الحمداني ـ من دفتر عراقي في المنفى
تنويه :
هذا الحوار نشر قبل سقوط الدكتاتورية في العراق !
الشاعر صلاح الحمداني
وقفت مع الفلسطينيين فأحلت إلى المحكمة بسبع تُهم
الكاتب عدنان حسين أحمد يحاور صلاح الحمداني، صحيفة الزمان 2001
عدنان حسين : ما هي من وجهة نظرك الشرارة التي أوقدت فتيل النزاع الفكري والثقافي بينك وبين ديدية دوناكس ؟ ولماذا شنّ هجوماً مزدوجاً، عليك وعلى دار نشر هارمتان في آن معاً ؟
صلاح الحمداني : ترجع أصول هذه القضية إلى الثامن عشر من سبتمبر / أيلول سنة 2000 عندما نشر[دوناكس ـ ] على موقع في شبكة الإنترنت مقالة أتهم فيها دار نشر [هارمتان] بأنها تأوي بين أحضانها أفكاراً معادية لليهودية والسامية، وأنها أخذت تدافع عن طروحات اليمين الفرنسي العنصري المتطرف لأنها أصدرت في الشهر السادس من عام 2000 مجلة تحمل عنوان [قرن الواحد والعشرين، انتحار فلكي أم انبعاث ؟] وكانت مواد هذه المجلة تحتوي على نصوص فكرية وفلسفية، ومن ضمنها نص للمفكر روجيه غارودي. ولم يكتفي، "دوناكس" الصهيوني باتهام هذه الدار بعدائها لليهودية والسامية لأنها نشرت نصاً لغارودي، بل ذهب أبعد من ذلك بكثير، إذ نصب نفسه قاضياً ومدافعاً ليس فقط عن اليهودية والسامية، بل أيضاً عن إسرائيل والصهيونية، موزعاً التهم على الأساتذة والجامعيين والمفكرين الفرنسيين ممن لهم علاقة مع هذه الدار، وطلب من مسئولي 150 سلسلة أدبية وفكرية سياسية يعملون في هذه الدار، ومن جميع من نشر فيها بمحاربة المشرفة على سلسلة [شعراء القارات الخمسة] السيدة جنفيف غلانسي، وهي شاعرة وفيلسوفة فرنسية عرفت بتعاطفها مع القضية الفلسطينية، على أساس أنها كانت المسؤولة الأولى التي قرأت نص غارودي ووافقت على نشره. وفي مقاله يحرض ويطلب أيضاً التشهير بهذه الدار كونها خرجت من هدفها الشرق أوسطي والعالم الثالث بالنشر. ولكي يحرق الأخضر مع اليابس كما يقال، ولكون السيدة غلانسي هي المشرفة على ما ينشر من شعر في هذه الدار، جاء في مقاله أيضاً، وهو سبب نزاعي الأساسي معه : "منذ سنين تكونت في دار نشر هارمتان ـ Harmattan’L ومن خلال سلسلة [شعراء القارات الخمس] مجوعة من يتامى العدالة المعادية للاستعمار، من أولئك الذين لا يتغذون اليوم إلا من شعورهم المعادي للدولة الإسرائيلية، شعوراً تحول وبصورة سريعة إلى عداء ضد السامية. مجموعة من عاشقي صدام حسين و خميني، ملتقى من اليسار المتطرف خرج عن طوره ليصبح مرجعاً تعديلياً محترفاً Révisionnistes، من الذين يحنون إلى حافظ الأسد، ومن العشاق القريبين إلى روجيه غارودي، والعقيد القذافي"
عند قراءتنا لهذا النص نلاحظ كيف تطبخ الأكلات الصهيونية القذرة وكيف تخلط الأوراق والأسماء وكيف تشهر الصهيونية بالناس وبلا حياء. فكيف يرضى الضمير الإنساني أن أكون معارضاً وعاشقاً لصدام ؟ وكيف يرضى العقل أن أكون محباً للدكتاتور وأنا ضحيته منذ ثلاثين عاماً. رسالتي جاءت لترد على ما يلي : أولاً : لإيقاف هذا السيل من النفاق والكذب الصهيوني. ثانياً : الدفاع عن السيدة الشاعرة والفيلسوفة غلانسي، كونها سيدة متعاطفة مع الشعب الفلسطيني ومع قضيته العادلة. ثالثاً : دفاعاً عن كرامتي، كوني معارضاً للنظام الدكتاتوري العراقي، وليس مغرماً به كما أراد هذا الصهيوني تلفيقه. رابعاً : التأكيد على كون دوناكس كغيره من الصهاينة لا يرضى أن يتطرق أحد، وينتقد علناً إسرائيل وسياستها العنصرية إزاء الشعوب العربية بشكل عام، والشعب الفلسطيني بشكل خاص، وبالذات لقرصنتها لأراضي هذا الشعب الأعزل. خامساً : عدم السماح بخلط الأمور كما عودتنا عليه تحليلات الصهاينة وطرقهم غير الأخلاقية وغير الديمقراطية. فالصهيونية تقول : [تحدث وأنتقد علناً وكما تشاء وأشتم واكفر وأنكر أي دين، وأي موضع تشاء، ولكن إياك أن تتطرق إلى الدين اليهودي ودولة إسرائيل بالنقد، حتى لو كان هذا النقد بناءً، وإذا تجرأ أحد وتحدث عن حقوق الشعب الفلسطيني فهو حتماً عدو خطر لإسرائيل، وأن حديثه عن حقوق الفلسطينيين حتى لو كان حديثاً مسالماً فهو ليس إلا غطاء لأفكاره المعادية لليهودية والسامية.
عدنان حسين : لماذا يسعى اللوبي الصهيوني إلى الإجهاز على دار نشر هارمتان وإخماد صوتها الثقافي نهائياً ؟ هل لأنها تنشر لشعراء وكتاب عرب تحديداً، أمثال : محمد سعيد الصكَار وعدنان محسن وصلاح الحمداني ومنعم الفقير وجبار ياسين وغيرهم ؟ ترى ما موقفهم من شعراء القارات الخمس التي تنشر لهم الدار من دون مواقف مسبقة ؟
صلاح الحمداني : لا أتصور أن اللوبي الصهيوني ـ الإسرائيلي كان يسعى لإخماد صوت دار نشر هارمتان. أو أنه كان يحارب هذه الدار كونها تنشر لشعراء عرب أو عراقيين. أو لأن هذا الأمر بالذات لا يهمهم، بل لأننا نحن الكتاب والشعراء والعرب في فرنسا، وبكل بساطة، لا نمثل ثقلاً فكرياً أو شعرياً على الساحة الباريسية، وبالتالي فنحن لا نشكل ثقلاً سياسياً أو فكرياً مؤثراً على فرنسا، ناهيك عما يجري من أحداث في الوطن العربي، وبالذات في فلسطين. ولكن ما يزعج الصهيونية ويقلقها هو هذا الكم الهائل من الكتب والمنشورات التي تصدرها دار هارمتان سنوياً، والتي تتطرق إلى مواضيع حساسة تدور أحداثها في الوطن العربي، ومن ضمن هذه المواضيع هو النزاع القائم بين اليهود الإسرائيليين والعرب، وكذلك مواضيع المياه والجغرافية والتاريخ القديم والفلسفات والأديان الشرقية القديمة والحديثة الخ، وسوف يكون نضال هذه الدار في المستقبل صعب جداً للحفاظ على توازنها التجاري والفكري. وسوف تحارب بكل قذارة من قبل الصهاينة، ليس في فرنسا فحسب، وإنما في أوربا أيضاً لأن هذه الدار تجرأت ونشرت نصاً لغارودي، ونشرت مجموعات شعرية عديدة إلى شاعر عراقي مثلي شتم الصهيونية، وندد بسياسة إسرائيل الشوفينية العنصرية علناً. وأن هذه الصهيونية في فرنسا سوف لا تفسح مجالاً فكرياً لكل من وقع على بيان يدين سياسة إسرائيل، وندد وأستخف بعقلية الكاتب الصهيوني دوناكس، وسوف تترصد لتؤذي كل من له ضلع في هذا الموضوع، وسوف تنقض عليه عاجلاً أم أجلاً.
عدنان حسين : هل تعتقد أن طروحاتك الفكرية والثقافية والسياسية تقترب إلى حد ما من طروحات المفكر الفرنسي غارودي، وبالتحديد إزاء المذابح اليهودية المبالغ بها كثيراً ؟ ولماذا وصفك دوناكس بـ [REVISIONNISTE] علماً بأن هذا التوصيف يطلق على الداعين إلى إعادة كتابة التاريخ اليهودي ؟ ترى هل أتهمك بـ [NEGATIONNISTES] أي الذين ينكرون وجود غرف الغاز في المعسكرات النازية ؟ ما عدد التهم التي وجهت إليك في المحكمة ؟
صلاح الحمداني : هذا السؤال هو الأكثر أهمية في هذه القضية الحساسة ولكل ما جرى. فالكاتب الصهيوني دوناكس وأصدقاؤه يعتبرون دفاعي عن السيدة غلانسي، وعن دار نشر هارمتان، وعن سلسلة شعراء القارات الخمس، ودفاعي الأكثر أهمية فيما يخص الشعراء العرب، وبالذات العراقيين منهم، وتهجمي على الصهيونية وعلى دولة إسرائيل وسياستها العنصرية إزاء الشعب الفلسطيني هو بمثابة هجوم شاعر عربي حتى لو لم تكن له علاقة ما بشخص المفكر غارودي، فهو بالضرورة له علاقة بأفكار وطروحات غارودي. وهذا ما لا أتفق معه. فأنا لا أعرف المفكر غارودي شخصياً، وليس لي علاقة ما بأفكاره أو بآرائه، وبالذات فيما يتعلق بـالـREVISIONNISME أو الـ NEGATIONNISME. أما عدد التهم التي وجهت ليّ فهي سبع تهم.
عدنان حسين : يعمل دوناكس مع عدد من المنظمات المناهضة للعنصرية، وكان ما زال يندد بسياسة الاستعمار الفرنسي، حتى أنه نشر رواية بوليسية يفضح من خلالها التعذيب أيام حرب الجزائر ولكنه بنفس الوقت لا يدين سياسة القمع والقرصنة الإسرائيلية إزاء الشعب الفلسطيني ؟ كيف تفسر ذلك ؟
صلاح الحمداني : أن هذا الكاتب هو أبسط مثال لما يقدمه لنا اللوبي الصهيوني ـ الإسرائيلي، وهو ليس الوحيد في فرنسا، فكثير من أمثاله الصهاينة ينشطون ويعملون في منظمات ضد العنصرية، أو في أحزاب يسارية عريقة، ليس حباً بالأجانب أو للدفاع عن حقوق الإنسان والطبقة العاملة والفقراء، بل من أجل أن يكونوا في المراكز الحساسة لهذه المنظمات ليصبحوا حاجز صعب تجاوزه أمام الاتهامات المزرية والحقائق الكثيرة التي وجهت، والتي توجه ضد الدولة الإسرائيلية وسياستها العنصرية إزاء قضية الشعب الفلسطيني.
عدنان حسين : وصفك دوناكس، كما وصف أغلب الأدباء العرب والمسلمين الذين ينشرون في دار هارمتان بأنهم من عشاق صدام حسين وحافظ الأسد والقذافي وخميني، في حين أنك من المعارضين للنظام الديكتاتوري في بغداد ؟ هل لك أن توضح لنا هذا التشويه المتعمد ومحاولة خلط الأوراق ؟
صلاح الحمداني : ماذا كان يريد قوله هذا الدوناكس ؟ أن الشعراء العرب الذين نشروا قصائدهم ضمن سلسلة شعراء القارات الخمس لا يستحقون لقب شعراء، لأنهم لا يمثلون غير بؤرة من المغرمين بالرؤساء والقادة العرب ممن يكرهون إسرائيل، ولهذا فأن هؤلاء الشعراء العرب هم بالضرورة قريبون من حزب اليمين الفاشي المتطرف في فرنسا، ومؤيدون لأفكار غارودي المعادي لليهودية. وهذا يعني، لكي تكون أديباً وشاعراً عربياً بمنظار الغباء الصهيوني فما عليك إلا السكوت على ما فعلته إسرائيل بالعرب وبفلسطين، وألا تقول أن شارون مجرم حرب. إن هذا الكاتب الصهيوني يعرف جيداً بأن الخطورة الفكرية لا تأتي إلا من معارضي الأنظمة الرجعية العربية ولهذا فهو أراد أيضاً وبشكل خبيث بالخلط بين الضحية والجلاد، ولم تهمه مشاعري أو مشاعر هؤلاء الشعراء الذين وصفهم بعشاق صدام. متناسياً، وهو اليساري الذي يدعي بنضاله من أجل السلام، بأن هؤلاء الشعراء هم قبل كل شيء ضحايا سياسات صدام قبل أن يكونوا عشاقاً لخميني أو لغيره. نتمنى على هذا الصهيوني وغيره من الصهاينة في فرنسا أنهم قد فهموا أخيراً [أن سياسة إسرائيل طويلة الأمد] فرق تسد [لربما نجحت مع بعض القادة العرب، ولكن هذه السياسة سوف لن تفلح أبداً مع الشعراء لأنهم ليسوا دولاً].
عدنان حسين : في التهمة الموجهة إليك هناك خلط بين العداء للصهيونية والعداء لليهودية، في حين أن موقفك المعلن هو إدانة السياسة الصهيونية العنصرية وإبادة الشعب الفلسطيني. أليس كذلك ؟
صلاح الحمداني : كما ذكرت برسالتي لدوناكس، [بأن الفكر اليهودي في فرنسا ليس تافهاً بحيث يكون بحاجة إلى خدمات كاتب بوليسي نصب نفسه قاضياً لمحاكمة من ينتقد سياسة دولة إسرائيل العنصرية]. بالطبع أنا لا أملك عداء ضد اليهود كيهود، كما لا أملك عداء تجاه أي دين من الأديان. أنا عدو الخباثة والوشاية والنميمة والطرق الجبانة بالنيل من الآخر، وأنا عدو الصهيونية العنصرية التي تذبح منذ أكثر من نصف قرن الأطفال الفلسطينيين، كما أنا عدو الفاشية والعنصرية بكل أشكالها وأينما وجدت. وأنا بالتأكيد لست صديقاً لدولة إسرائيل طالما هناك شعب فلسطيني يناضل لنيل حقوقه المشروعة في إقامة دولته المستقلة. ولكن ما ذكرته في رسالتي أثار حفيظته حين كتبت له : [إذا كانت إسرائيل هذه الدولة التي تذبح الشعب الفلسطيني وتصادر أرضه منذ خمسين عاماً، تشعر الآن بخوف من كتاباتي الشعرية فإن هذا الأمر رائع ويدعوني إلى الاعتزاز بنفسي]. هذا هو ما دفع دوناكس إلى الخروج من عرينه ليتهمني بعدائي لليهودية مثلاً.
عدنان حسين : هل لك أن تحدثنا عن الوضع النفسي الذي أنتابك وأنت تمثل أمام محاكمة من هذا النوع ؟ ما هي انطباعاتك ومشاعرك الداخلية وأنت تدافع عن قضية عادلة لا لبس فيها أو غموض ؟ وهل تعتقد أن العدالة الفرنسية سوف تنتصر للحق أم إنها لا تستطيع أن تتخلص من الأخطبوط الصهيوني الذي يسيطر على مساحة واسعة من القضاء الفرنسي كما حصل لغارودي مثلاً ؟
صلاح الحمداني : بصراحة أنا لم أكن قلقاً أو خائفاً، ليس لأن مقاضاتي بتهمة العداء للسامية واليهودية هو كذب وافتراء، بل لأني كنت أعرف نفسي جيداً، وأعرف ما يدور في داخلي من أفكار إنسانية بعيدة جداً عن هذه الحماقات. أضف إلى ذلك، أننا نستطيع أن نتهم فرنسا ونقذفها بالشتائم كونها كانت دولة مستعمرة وتاريخها السياسي المعاصر ليس بالنقاء الذي نترجاه نحن العرب، ولكنها تبقى رغم جميع الانتقادات بلداُ متحضراً وديمقراطياً. كنت مطمئناً في الأقل من هذا الجانب مع نفسي لأني لم أكن داخل محكمة عربية، ويحكم على أي كان بالشنق أو بالموت رمياً بالرصاص ولأتفه الأسباب. ولم أشعر بالوحدة إذ كان برفقتي الأصدقاء والرفاق والشعراء وأساتذة جامعيون ومن كل الجنسيات والأجناس. ولكن، وهذا ليس مبالغاً فيه، كنت أفكر بين لحظة وأخرى، ماذا سيحدث لو كنت أمثل بتهمة معاداتي لسياسة إسرائيل والصهيونية المجرمة بحق الشعب الفلسطيني أمام قاض إسرائيلي صهيوني يكره كل ما له صلة بالعرب ؟ وأنا لا أعرف صحة ما يقال في ما إذا كان هناك وجود أخطبوط صهيوني يسيطر على القضاء الفرنسي، والفرق بين مقاضاتي بتهمة معاداة إسرائيل والصهيونية واليهودية وبالتالي السامية ليست لها أية علاقة تذكر بمحاكمة وإدانة غارودي من قبل القانون الفرنسي، كوني لم أكتب كتاباً بخصوص اليهود وإنما كتبت رسالة جواب أفضح من خلالها وبشكل هجومي مباشر ما تفعله إسرائيل في الأراضي العربية المحتلة وأتهجم علناً على الصهيونية وعلى من يدافع عنها.
عدنان حسين : في مجموعاتك الشعرية المنشورة باللغة الفرنسية هل هناك ما يثير حفيظة المتربصين بالشعراء والكتاب العرب ؟
صلاح الحمداني : إذا كان هناك نظام رصدته بكتاباتي وقصائدي فهو النظام البعثي العفلقي الفاشي في بغداد. وإذا كانت هناك مجموعة سياسية أو قبلية تثار حفيظتها من قصائدي وكتاباتي فهي الرأسمالية العربية الخائفة على مصالحها الضيقة وكروشها ووجودها، هذه الرأسمالية العربية الجبانة بمواجهة إسرائيل، الرأسمالية البعيدة عن هموم واحتياجات المواطن الفلسطيني و المواطن العربي على حد سواء. لأنها لم تتوقف يوماً عن الاحتيال مع البرجوازية العربية المحلية لنهب خيرات شعوب المنطقة العربية الإسلامية وتقديم هذه الخيرات إلى ساسة الصهيونية الأمريكية. فليس من السهولة أن تجد نفسك بعد 28 عاماً من المنفى وفراق الوطن أمام محكمة فرنسية تقاضيك لأنك تهجمت وانتقدت علنا سياسة الدولة العبرية، بينما الرأسمالية العربية والبرجوازية تعيش مزدهرة وتشفط بخيراتنا بينما نحن أولاد هذا الوطن مشردون في أنحاء المعمورة ومهانون وبلا مؤسسات عربية تعيننا على مواجهة أعتى وأشرس العصابات المنظمة في العالم ألا وهي العصابة الرأسمالية العربية والعصابة الصهيونية. هؤلاء هم من تثار حفيظتهم، لأني أدنتهم، وسأدينهم، وسأتهجم عليهم وعلى من يدافع عنهم لأنهم أحد أسباب سيطرة ووجود الصهيونية في فلسطين وفي الوطن العربي والعالم. وهؤلاء هم السبب الرئيسي بانحطاط كرامة المواطن العربي منذ زمن بعيد...
عدنان حسين : كيف جرت المحاكمة وما هو القرار القانوني ؟
صلاح الحمداني : لقد طلبت محامية الكاتب دوناكس في مرافعتها تغريمي مبلغاً قدره 150 آلف فرنك فرنسي نتيجة الضرر المعنوي الذي لحق بموكلها. وأضافت أن ما ورد في رسالتي الموجهة إلى دوناكس يتضمن الطعن والتشهير العنصري ومعاداة السامية. وبعد استماع المحكمة لمرافعات جميع الأطراف، قامت ممثلة الادعاء العام بالرد وتفنيد الاتهامات التي جاءت على لسان محامية دوناكس. وأضافت المدعية العامة أن ما ورد في رسالة الحمداني الموجهة إلى خصمه دوناكس لا يمكن اعتبارها بأي شكل من الأشكال تشهيراً عنصرياً أو معادياً للسامية. مشيرة هذه المدعية العامة إلى افتقار مرافعة محامية دوناكس إلى الأسس القانونية الضرورية، وأضافت أن الحيثيات التي استندت إليها محامية دوناكس واهية ولا وجود لها. هذا وسوف تصدر المحكمة قرارها في الرابع عشر من الشهر السادس 2001.
عدنان حسين : أنا جداً متفائل من أنك ستكسب هذه القضية، لأنها قضية عادلة. هل عندك ما تريد قوله ؟
صلاح الحمداني : أريد أن أشكر كل من أهتم بهذا الأمر، وأولهم القائمة الطويلة الأصدقاء الطيبين من اليهود العراقيين المقيمين في لندن ضحايا صدام، وضحايا سياسة إسرائيل العنصرية الذين بعثوا برسالة تضامن معي، وبالذات الأخت أم حقي الرائعة، وأعدهم جميعاً بمصداقية ما ذكرت. وأشكر أيضاً الأصدقاء الفرنسيين والعراقيين من عمال وموظفين وأدباء وفلاسفة وكتاب وفنانين ورسامين وشعراء وأساتذة على تضامنهم لنصرة الحق بهذه القضية. وأخيراً أريد أن أقول لكم جميعاً أن قدسية التضامن مع الحق لا يمكن أن تثمن، وهذا هو ما يدعونا لأن نكون بشراً وآدميين في ما بيننا.